قاسم حجيج: رجل الأعمال الملهم وعاشق التراث العاملي

Kassem Hejeij - قاسم حجيج

2025.02.01 - 08:08
Facebook Share
طباعة

 قاسم حجيج هو نموذج فريد لرجل الأعمال الذي لم ينس جذوره، فجمع بين النجاح في عالم المال والأعمال والعمل الاجتماعي والثقافي لخدمة مجتمعه. من الطفولة المليئة بالتحديات إلى إنجازات لافتة في حياته المهنية والشخصية، يُعد قاسم حجيج شخصية استثنائية تركت أثرًا دائمًا في منطقته وخارجها.


النشأة والتحديات المبكرة
وُلد قاسم حجيج في لاغوس، نيجيريا، لكن جذوره امتدت عميقًا في تراب بلدة دير نطار الجنوبية، حيث أمضى طفولته ومراهقته بين أزقتها وحقولها. كان والده تاجرًا للحبوب، يعبر الحدود بين لبنان وفلسطين قبل أن يرسم التاريخ معالمه الجديدة عام 1947.

كبر قاسم على وقع التجارة والمثابرة، فأسس إمبراطورية اقتصادية امتدت عبر إفريقيا، ووفرت فرص العمل لآلاف الأشخاص. وحين آن الأوان، سلّم راية الإدارة لأفراد عائلته، لينصرف إلى عالم الفكر والبحث، تاركًا وراءه إرثًا لم يكن مجرد شركات، بل أبوابًا مفتوحة للرزق، وحياةً كريمة لآلاف الشباب الذين أنقذهم من شبح البطالة.

نشأ في كنف أسرة متواضعة غرس فيها والده القيم الأخلاقية وروح المثابرة. عندما كان طفلاً، كان يذهب مشيًا على الأقدام من قريته إلى بلدة جويا للدراسة في مدرستها، حيث كانت المسافة الطويلة بين البلدتين تستغرق منه وقتًا طويلاً، سواء في برد الشتاء القارس أو تحت شمس الصيف الحارقة.

خلال تلك الرحلة اليومية الشاقة، كان الطفل قاسم يُطلق العنان لأحلامه الكبيرة. كان يتخيل يومًا يبني فيه مدرسة ومستشفى في بلدته لتسهيل الحياة على أبناء منطقته. حين كبر ونجح في عالم المال، ترجم تلك الأحلام إلى حقيقة، حيث أسس مدرسة ومستشفى حديثين في دير انطار، لتكونا شاهدين على إيمانه بأهمية التعليم والرعاية الصحية في تحقيق التنمية.


الطموحات المبكرة والنجاح المهني
حين كان شابًا يافعًا، لم يكن في جيبه سوى مصروفه الشخصي، لكنه كان يحمل طموحًا لا حدود له. لطالما حلم بأن يوظف شباب بلدته ويمنحهم فرصًا للعمل والنجاح. بعد سنوات من المثابرة والعمل الجاد، أصبح واحدًا من أبرز رجال الأعمال اللبنانيين في إفريقيا.


في شركاته المنتشرة في القارة السمراء، يعمل اليوم أكثر من ألف شاب جنوبي، بعضهم أصبحوا رجال أعمال مستقلين. قاسم حجيج كان أول من أعطاهم فرصة عمل وأملاً في المستقبل، ما جعله رمزًا للعطاء والشراكة الحقيقية.


حلم البنية التحتية وربط المجتمعات
لم يتوقف طموح قاسم عند بناء المؤسسات الخدمية، بل امتد إلى تحسين البنية التحتية في بلدته ومحيطها. كان يحلم يومًا بشق الطرق التي تربط دير انطار بالبلدات المجاورة لتسهيل حركة السكان وتيسير حياتهم اليومية. وحين كبر، عمل على تحقيق هذا الحلم من خلال تمويل مشاريع شق الطرق وتطويرها، مساهمًا بذلك في تعزيز التواصل بين القرى الجنوبية.


عاشق التراث العاملي: من المال إلى الأدب
كان قاسم حجيج دائم التعلق بالشعر والأدب والأمثال الشعبية منذ طفولته، حيث تأثر بالقصص التي كان يسمعها من الأجداد، والتي تعكس تاريخًا وتراثًا غنيًا لجبل عامل. عندما تقاعد من عالم المال والأعمال، قرر أن يُفرغ نفسه لمشروع ثقافي عظيم، وهو جمع وتوثيق الأدب الشفهي العاملي.


بدأ برحلة شاقة لجمع الأمثال الشعبية، الحكايات، والشعر التراثي من أفواه كبار السن في القرى الجنوبية، حتى لا تضيع هذه الكنوز الثقافية في ظل التحولات الحديثة وثورة المعلوماتية. كانت النتيجة عملًا موسوعيًا ضخمًا يُوثق التراث العاملي، ليصبح مرجعًا للأجيال القادمة وحاملاً لذاكرة منطقة غنية بثقافتها وتاريخها.


إرث العطاء والتفاني
إن قصة قاسم حجيج هي حكاية شخص لم ينس جذوره ولا مجتمعه رغم النجاح الكبير الذي حققه عالميًا. رؤيته لم تقتصر على تحقيق الثروة، بل تجاوزتها إلى العطاء المستدام، من بناء المؤسسات الخدمية إلى تمكين الشباب وتوثيق التراث.


خاتمة
قاسم حجيج ليس مجرد رجل أعمال، بل هو شخصية ملهمة جسدت الحب العميق للأرض والناس. بفضل أعماله ومشاريعه، استطاع أن يغير واقع بلدته ومحيطها، وأن يترك إرثًا سيظل حاضرًا في ذاكرة الأجيال. إنه مثال حي على أن العظمة لا تكمن في النجاح المادي فقط، بل في استخدام هذا النجاح لخدمة المجتمع والمحافظة على الهوية الثقافية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 3